قدماء المجاهدين وإلإستبيانات الخاريجية

قدماء المجاهدين

تكشف الوثائق والصور التي جمعها مركز جهاد الليبيين للدراسات التاريخية الكثير من الحقائق والصور المتصلة بالأعمال الوحشية التي قامت بها إيطاليا لاستعباد الشعب الليبي والسيطرة على أرضه وخيراته: من إعدامات ومذابح جماعية، نفي الآلاف من الليبيين إلى الجزر الإيطالية، إقامة المعتقلات الجماعية، الأولى والأفظع في القرن العشرين في العالم، تدمير معالم الحضارة وطمس الثقافة الوطنية، والاعتداء على الآثار والمخطوطات ونهبها وترحيلها إلى إيطاليا، ومصادرة الأراضي الزراعية، وتهجير الليبيين بهدف تغيير البنية السكانية في البلاد، وإحلال المستوطنين الطليان محلهم، وغيرها من الأفعال والأضرار التي ترقى في تكيفها القانوني إلى جرائم ضد الإنسانية. علاوة على ما تركته الدول الأوروبية المتحاربة فوق الأرض الليبية أثناء الحرب العالمية الثانية من دمار وزرع ألغـام في الأرض، لا زالت تحصد أرواح العشرات من الليبيين، وتدمير ثروتهم الحيوانية، وتعطيل خطة التنمية الزراعية والكشف عن الثروة المعدنية.
في إطار اختصاصه المتعلق بتجميع ودراسة البيانات والإحصائيات المتعلقة بأضرار الحروب الاستعمارية ومخلفاتها على الأرض الليبية، وإجراء البحوث والدراسات المقارنة حولها، أنشأ المركز عام 1984، شعبة متخصصة تعنى بالمجاهدين القدماء وبأضرار الحروب الاستعمارية .
فالعناية بتاريخ الجهاد يقتضي تكريم الأبطال المغاوير الذين صنعوا التاريخ، وهم المجاهدين الشرفاء الذين لبوا نداء الواجب، وهبوا لصد العدوان بالرغم من أن المعطيات المادية تحدد استحالة تصدي الليبيين لقوات العدوان الغازية؛ حيث تشكل موازين غير متكافئة. ولكن الدفاع عن الوطن والدين أعطى حركة الجهاد زخماً من القدرة على التضحية لدى كل فرد مؤمن من أفراد الشعب، وقدم أغلى ما يملك دفاعاً عن العرض والأرض والدين.

وقد أسندت الدولة إلى مركز جهاد الليبيين للدراسات التاريخية، بموجب قرار اللجنة الشعبية العامة رقم (1087) لسنة 1984، بنقل تبعية مكتب المجاهدين من شعبة التنظيم والإدارة بهيئة القيادة العامة للقوات المسلحة إلى مركز بحوث ودراسات جهاد الليبيين ضد الغزو الإيطالي، مهمة متابعة أوضاع قدماء المجاهدين. وبموجب هذا القرار نقل إلى المركز كافة الوثائق والبيانات والقوائم وغيرها من المستندات الخاصة بمكتب المجاهدين. وخول المركز صلاحية تنظيم المكتب، وتحديد أسلوب إدارته واختصاصاته. وبإدماج المكتب في شعبة قدماء المجاهدين، تولت الشعبة مهمة متابعة ومراجعة ملفات المجاهدين القدماء والمتطوعين في حرب فلسطين ولبنان، وسائر الساحات القومية كالجزائر وتشاد من الناحية العلمية، وجمع الوثائق الدالة على مشاركتهم وتدوين شهاداتهم.
وإلى جانب دراسة وفحص أوراق قـدماء المجاهـدين، وتقويم شهاداتهم وإفاداتهم وإجازاتها، أو عـدم إجازتها، وإعطـاء تعريفات لمن ثبت جهادهـم لتسهيـل إجراءاتهم الإدارية مع مصالح الدولة المختلفة، فإن العمل الأساسي للشعبة، هو الجانب العلمي، الذي ينصب على حصر الأضرار التي لحقت بالشعب الليبي منذ نزول قوات الغزو الاستعماري الإيطالي على تراب هذا الوطن في التمور (أكتوبر) 1911ف ، إلى يومنا هذا . ويشمل الحصر الأضرار الناجمة من جراء القصـف الجوي، أو المدفعي، أو بسبب انفجار الألغام المزروعة في الأرض ، وأعمال التخريب والحرائق وغيرها من الأعمال التي اقترفتها الدول الاستعمارية على الأرض الليبية ، وضد السكان المسالمين. وكراسة الاستبيان التي تم إعدادها بعناية ووزعت على أكثر من مائة ألف أسرة ليبية عام 1984ف ، تشمل ، إلى جانب الأضرار المذكورة أعلاه ، حصر حالات الوفيات والعاهات المستديمة والتشوهات في الأجسام ، وحرق وتدمير المساكن والأمتعة ، ومصادرة الأراضي والأملاك الثابتة والمنقولة، وقتل أو مصادرة الحيوانات وغيرها إبان المرحلة الاستعمارية.
وحتى يتم الاستفادة من المعلومات المدونة في هذه الاستمارات ، المحفوظة في أرشيف شعبة قدماء المجاهدين وأضرار الحـروب الاستعمارية، تـم تفريغ هذه المعلومات ونشرت حصيلتها في كتاب بعنوان / النتائج الأولية للاستبيان العام لحصر الأضرار التي لحقت بالشعب الليبي نتيجة الاستعمار ومخلفاته منـذ سنة 1911ف ، وترجم هذا الكتاب إلى عدة لغات أجنبية، وهي: الإنجليزية، والإيطالية، والفرنسية، إلى جانب نشره باللغة العربية ، طبعـًا. كما تمّ تصنيف هذه الكراسات طبقا لتوزيع المحلات (الوحدات الإدارية الأصغر) الذي كان قائما عام 1984 ، وتم توثيقها في سجلات تحمل أرقامـًا مسلسلة ، كل محلة على حدة ، والفرع البلدي الذي يضم مجموعة محلات، الذي تنتمي إليه ، والوحدة الإدارية الكبرى (البلدية أوالشعبية) التي تتبعها.
ولتسهيل وصول الباحثين والدراسيين في مجال أضرار الحروب الاستعمارية ، تقدم شعبة قدماء المجاهدين وأضرار الحروب الاستعمارية كل التسهيلات من خلال الاستبيانات، والملفات والوثائق المتوفرة لديها في هذا المجال.
كما تستقبل الشعبة أية بلاغات جديـدة من المواطنين عن أي أضـرار حدثت، أو تحدث لهم كل يوم من جراء انفجار الألغام والقنابل المستمر في أراضيهم، والذي يؤدي في كثير من الأحيان إلى أضرار مادية وجسمية كبيرة تلحق بهم ، وبحيواناتهم ومزروعاتهم .
ويبلغ ما بأرشيف شعبة قدماء المجاهدين وأضرار الحروب ومخلفاتها الآن من استبيانات الأضرار حوالي 130000 مائة وثلاثون ألف كراسة، و(15) خمسة عشر ألف ملف لقدماء المجاهدين ضد الغزو الإيطالي، و(6000) ستة آلاف وثيقة وملف من أرشيف وزارة الدفاع سابقاً يخص قدماء المجاهدين المتوفيين، وفي إطار عملية المسح الأخيرة التي قامت بها الشعبة في عدد من مناطق البحث خلال عامي 2000 – 2003، تم تعبئة ما مجموعه (6599) استمارة أضرار جديدة جار العمل على تصنيفها ومقابلتها على الاستمارات السابقة، وحذف ما قد يكون مكرراً منها.