تجارب بعض الأرشيفات العربية الرائدة في استخدام التكنولوجيا والتقنية الحديثة في تنظيم الموارد الأرشفية. (صون وإتاحة – صعوبات وعراقيل) الجزائر

استعراض تجربة الأرشيف الجزائري في مجال الرقمنة

متابعة / د. فتحية الخير حمدو

شهدت قاعة المجاهد بمقر المركز العاشرة من صباح الثلاثاء 29 أغسطس 2020م التئام ورشة العمل الثالثة بعنوان استعراض تجربة الأرشيف الجزائري في مجال الرقمنة ، وقام بافتتاح الورشة أستاذ عياد ساسي، وقد شارك فيها أ.د عبد المجيد الشيخي، و أ. هشام حموته، و أ. غنية بوعبدالله

وقام أ.د. محمد الطاهر الجراري رئيس مجلس إدارة المركز الليبي للمحفوظات والدراسات التاريخية، بألقاء كلمة تؤرخ لصلاته بالجزائر والجزائريين.

 

كلمة أ. د. محمد الطاهر الجراري

بسم الله الرحمن الرحيم

رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ

السلام عليكم جميعاً ، في الاربعينات وفي طفولتي المبكرة لعبت مع أحد أترابي والدته من وارقله،وعن طريق صداقتها لوالدتي تذوقت بعض الأكلات الجزائرية، وأذكر مجالس الكبار الشعرية التي كان يتنافس فيها الحضور من خلال القصائد وأذكر قصيدة شعرية مقدمتها تقول:

ما نكش كيف براك يا وارقلة،،، بارك ثمرها تاليس وأنت دقلة ،،، وتستمر القصيدة في التوضيح الفرق بينهما وتوضح أن التاليس عند أهله أهم من الدقلة هو يستمر طوال السنة، ولكن الدقلة تكون في الخريف فقط.

وفي أواخر الخمسينات وعلى مسرح مدينة طرابلس الثانوية جلستا مع زملائي نستمع لمحاضرة المرحوم للشيخ علي مصطفي المصراتي وكانت عن الجزائر وثورتها ، وفي الستينات قُبض على أخي عبد الله الأصغر مني وذلك لتجاوزه وبعض رفاقه لتعليمات الشرطة بالخروج في مظاهرة لنصرة الثورة الجزائرية مما أضطر والدي للتدخل والتعهد بعدم تكرار تجاوز تعليمات الشرطة وفي الولايات المتحدة الأمريكية أثناء دراستي تصادفت في في جمعية الطلبة العرب في جامعه بروسكانسل مع طالب جزائري أخترق كل حجب اللغة الفرنسية وجاء مثلي للدراسة بالولايات المتحدة، أما في الثمانيات تصادفت مع الجزائري المرحوم الدكتور محمد الطاهر عدواني مدرس التاريخ بجامعة الفاتح ( سابقاً) وقد تواددت مع الرجل الذي أختار أن يتحمل معي أعباء تأسيس مركب الجهاد حتى وُضع أسمه ضمن المؤسسين لما يعرف الأن بالمركز الليبي للمحفوظات والدراسات التاريخية، وفي بداية القرن الواحد والعشرين تصادفت مع الدكتور عبد المجيد الشيخي ممثلاً للجزائر في أرابيكا أو الفرع الإقليمي العربي للمجلس الدولي للأرشيف ومنها وحتى الأن لم أستطع وربما لن استطيع فك نسيجه من نسيجي، وهذه السيرة ليست أستثناء ولا صدفة ولكنها الرحم الواحد الذي غدانا جميعاً والذي سعي الغرب الظالم لتجفيف منابعه وتمزيق وعاءه وتشتيت نسيجه بخزعبلات مضحكات مبكيات، فلا نامت أعين الجبناء,

الأن ونحن في بداية طريق الرقمنة لتراثنا، فمن أحق وأقرب من أهلنا وعشيرتنا بالجزائر ؟ . ما نمارسه الأن هو الطبيعي والصحيح لتحقيق المطلوب نشكر عليه أخي عبد المجيد المجاهد الصلب والمصارع العنيد، وصدقوني عندما أقول المصارع العنيد فقد حضرته في نزاع وصراع مع دهاقنة الفرنسيين ودهاقنة العالم على مستوى الأرشيف العالم، كان من أصعب الناس الذين تحاول أن تتحداهم كلاماً أو مبارزة في الحجة واثباتا أن هذا الأرشيف الذي يحفظ في فرنسا والدول الغربية لابد أن يعود إلى أهله، وله بصمته وله آراءه وأفكاره، هو رفاقه الذين سنتشرف بهم اليوم ومن باب الأدب والعرفان دعوة الدكتور والزميل عبد المجيد لافتتاح هذه الجلسة الطيبة بما تجود عليه قريحته المعطاءة كما عهدتها دائما فليتفضل السيد عبد المجيد.

 

محاضرة الدكتور عبد المجيد الشيخي:

بسم الله الرحمن الرحيم

أخي الكريم الدكتور الجراري أطنبت وأكثرت وبالغت ولكن أثلجت صدري وأنا عندما أراك يثلج صدري لمحبتي الصادقة محبة في الله ألتقينا في العديد من المناسبات وكان لنا باع طويل في الكفاح المشترك وأنت تعرف وتعي ما أقول، أشكرك لكلماتك اللطيفة التي تفوهت بها بالنسبة لنا وللجزائر ولمسارك الطويل مع الجزائر وأنا سعيد جدا أن أكون معكم في هذه الافتتاحية لان أثرت على نفسي أن أكون حاضرا بصورة خاصة ومع ليبيا علاقة لا تنفصل أبدا ومحبة لا تنتهي أبدا وما دمنا كما يقال في اللهجة الدارجة ( نلتقي في هم الزمان) فعلينا أن نكابر ونحاول أن نصل إلى نتائج ترضينا بصورة شخصية أولاً وترضي بلداننا وترضي الله سبحانه وتعالى ، لأننا لا نريد جزاء ولا شكورا ولكن قصدنا هو الإصلاح.

 

أنا سعيد جدا أن الدكتور الجراري طرق هذا الباب عن طريق التواصل عن بعد، لأن هذا يمكن من الاتصال أولا، ويجعل من تبادل الآراء تسرى على المباشرة ، وكلُ يقدم ما لديه ثم في نهاية هذه الجلسات لابد من استخلاص النتائج ، ما الذي يمكن أن نفعله مع بعضنا البعض ، في بلداننا كلُ يغني على ليلاه وكلُ يستعمل طريقة تختلف عن الطريقة التي يستعملها الأخر، ولكنها تصب كلها في أوجب الواجبات بالنسبة لدور الأرشيف، وهو المحافظة أولا عن الأرصدة الأرشيفية ومعالجتها المعالجة العلمية ، والمعالجة الطبيعية أيضا حتى لا تتلف وثالثا كيف نوصلها إلى الباحثين، وفي أي الظروف مع كل العوائق التي يمكن أن تكون قانونية أو نفسية فأحياناً النفس تؤثر عندما تكون وثيقة مهمة جداً نعلم بأنه سيفعل بها مالم يحمد عقباه، ونقف ونمنع تداولها.

 

هذه المسائل ربما تأتي الرقمنة لتسهيلها وتسهيل أساليب التعاطي مع الوثائق بالنسبة للتخزين والمعالجة العلمية والالكترونية والمحافظة عليها.

مع أننا وقفنا مرة في وقت من الأوقات وكان الدكتور الجراري معنا في المجلس الدولي للأرشيف، وانتفضت غاضباً عندما أقترح أحد الممثلين من البلدان الأوروبية على البلدان الأفريقية التنازل عن أصولها من الوثائق ، وتنزع إلى الرقمنة لأنها أقل تكلفة.

 

نحن في الجزائر لا نقبل هذه الطريقة أبداً لأن للإنسان علاقة حميمية مع الوثيقة الأصلية ، أما أن يراها في شكلها الالكتروني لا يشعر بتلك العلاقة ولا يحس بها ، أنا أحاورها في أصلها، ولكنها لا تحاورني في شكلها الالكتروني.

 

أذاً العمل يتطلب منا تضحية وجهد ومواصلة المحافظة على أصولنا، ونعالجها بما أوتينا من قوة وارادة وأصرار على المحافظة عليها كما هي، كما وصلتنا بعد أن مرت بأجيال وأجيال، هي تكرمت علينا حتى وصلت إلينا فلماذا لا نتكرم على الأجيال الأتية لنوصلها إليهم عزيزة مكرمة في شكلها الجميل,

أما بالنسبة للرقمنة والتجربة الجزائرية فأن زملائي سيتداخلون بعد قليل هم أدرى مني في هذا المجال، ولكن أقول بأننا نحن نستعمل البرمجية التي أقرها المجلس الدولي للأرشيف مع بعض التحسينات التي تمكنا منها واذا كانت تجربة الرقمنة ربما قديمة بالنسبة للبداية عامي 2004-2005م، ولكن تعثرنا في الطريق لنقص التكوين والأجهزة والخبرة، والأن أظن أننا بدأنا في سلوك الطريق السليم للرقمنة بالتشاور مع إخواننا في الجزائر حيث سلكنا طريقة لم ينتبه إليها رغم أنني لفتُ الانتباه إليها عام 2002م وهي توحيد الأساليب حيث أن الأرشيف الجزائري ككل دور الرشيف ينقسم إلى ثلاثة أقسام لا تتصل بعمر الوثيقة وإنما بتواجدها وهي على النحو التالي:

• أرشيف الإدارات المركزية.

• أرشيف الدولة.

• أرشيف الوزارات ذات السيادة.

• ارشيف المحلي والموجود ضمن مؤسسات أو مصالح تتحكم فيها وزارة الداخلية وتخضع للقانون البلدي.

نحن نحاول أن نوحد الأساليب بالنسبة لهذه الأنواع ولكن ” تجري الرياح بما لا تشتهي السفن”، بعض الإدارات انتهجت طريقة تختلف عن الطريقة التي ننتهجها، وقد سهرت مع زملائي حتى يجدوا السبل التي تمكن من توحيد العملية حتى تكون خاضعة لأسلوب واحد تتحكم فيه برمجية واحدة هذا الذي أردت أن أقوله.

 

بالنسبة للتعاون الدولي فأننا طرحنا مع الخوة في ليبيا من خلال الحديث مع الدكتور الجراري ثم مع السفير الليبي ذات مرة بأننا على استعداد للمساهمة في أرشفة بعض الأرصدة الليبية وأرصدة بعض الدول المتاخمة للجزائر مثل موريتانيا، ومالي، والنيجر، وتونس لأننا اقتنينا عربة مجهزة بكواشف وكاميرات يمكن أن تنتقل وتمر عبر الحدود لتصل إلى هذه البلدان، وتساهم في عملية الرقمنة، وهكذا يكون التبادل ثري ومفيد لمعرفة معدن الخر، ومعرفة الأساليب التي ينتهجها.

 

الجانب العملي من ورشة العمل: قدمه الأستاذ هشام حمودة مدير عصرنة ورقمنة الأرشيف الوطني بالمديرية العامة للأرشيف الجزائري وبرنامج العمل في إطار الرقمنة.

 

أفتتح الأستاذ هشام حمودة كلمته بالشكر للمكرز الليبي للمحفوظات والدراسات التاريخية على تنظيم هذه الورشات مردفاً أنه قبل أن أعرض الأرضية الرقمية المتاحة على قاعة المطالعة للأرشيف الجزائري، أود استعراض الاستراتيجية المتبعة من قبل الأرشيف الرقمي في إطار مشروع تحيين وتوسيع الخدمات الأرشيفية الرقمية خاصة في ظل التقدم التكنولوجي المستمر وزيادة حجم البيانات التي يجب رقمنتها ، وبالتالي نواجه العديد من التحديات وهي:

1. حماية المعلومات الحساسة والأرشيف من الوصول غير المصرح به والاختراقات السيبرية.

2. تغيير التكنولوجيا بسرعة والحاجة إلى التحديث بشكل منتظم.

3. التحقق من الأصالة، ويجب التأكد من أن النسخ من الوثائق هي أصلية ولم تتعرض للتزوير.

4. تصنيف وتنظيم الأرشيف وتسهيلها وإمكانية استرجاعها .

5. الحاجة إلى الابتكار واستعمال الذكاء الصناعي في عمليات الوصف وهو تحدي كبير.

6. البيانات الكبيرة، ويتطلب إدارة وتنظيم كمية ضخمة من المعلومات.

7. عملية الرقمنة هي مكلفة بالنسبة للمؤسسة.

8. التحديات القانونية.

9. التكوين والتدريب للموظفين على الأرشفة والالتزام بالأمن والخصوصية.

ولتجاوز هذه التحديات، اتبعت المديرية استراتيجية رقمنة فعالة لضمان الالتزام بالسياسات والخصوصية والحفاظ على التراث والذاكرة الوطنية، وهي تحويل كل السجلات والوثائق الورقية إلى نسخ إلكترونية، وتطوير نظم تساعد في إدارة الأرشيف الورقي والرقمي وتطبيق التوثيق الرقمي لضمان صحة الأرشيف الوطني.

• توعية الجمهور بأهمية الأرشيف الوطني.

• الإتاحة وتوفير سياسات فعالة للاستفادة من الأرشيف.

• التعاون مع المجتمع الدولي لتبادل الخبرات والموارد.

• تقييم دوري لإداء الاستراتيجية وإجراء التغييرات اللازمة، وهناك خطوات محددة ضمن مراحل ، تم إنجاز المرحلة الأولى وهي تقييم شامل للأرشفة.

• مرحلة المراقبة والتحسين.

 

عرض للحافلة الرقمية: قدمته الأستاذة غنية أبو عبد الله

وهذه الحافلة تم عرضها من خلال فيديو لمعرفة عملها، وهي صنع محلي ومجهزة بكافة التجهيزات وتنتقل في مناطق صعبة، وتحمل الأرشيف التاريخي.

عبرت الأستاذة غالية أبو عبد الله عن سعادتها في المشاركة في هذه الورشة ضمن هذا اللقاء العلمي المشترك عبر تقنية الزوم بالمركز الليبي للمحفوظات والدراسات التاريخية ، واستهلت الشرح قائلة أن التطبيق المعتمد لتحديد طرق العمل أي الوصف الأرشيفي لإتاحة الوثائق الأرشيفية الرقمية للاستخدام، يسمي ” تطبيق الوصول إلى الذاكرة” ، ولهذا التطبيق تتضمن برمجياته مجموعة من المميزات فهو مستوفي كل المتطلبات الأرشيفية مما جعل المتخصصين الجزائريين في مؤسستنا يعتمدونه فهو يدعم مجموعة من المعايير الدولية المختصة في وصف الأرشيف التاريخي ، على سبيل المثال:

التقنيين الدولي للوصف العام الأرشيفي نحن نعتمد عليه في وصف محتويات المواد والوثائق الأرشيفية بدعم معايير تتصل بالسياق سواء وصف الأشخاص والمنتجين والعائلات التي تحفظ هذه الأرصدة الارشيفية.

 

وبالتالي نحن أمام أربع معايير دولية لحفظ الأرشيف ويمكن اتاحة وسائل البحث التي تضم البيانات التي تتوفر بالوثائق، وكذلك الصورة الرقمية ، وتقديم وصف شامل من العام إلى الخاص بشكل متدرج ، والحصول على البيانات الخاصة بالصورة ، والوصف المرمز لوسائل البحث التي يمكن أتاحتها عبر شبكة الويب.

على سبيل المثال: لدينا بعض الرصدة التي تم تهجيرها وتتصل بالحقبة العثمانية وهي مخطوط باللغة العربية القديمة، وتحتوى ملخص للمخطوط والكلمات المفتتحة الموضوعية والخاصة بالأسماء المذكورة في هذه المخطوطة.

 

بالنسبة للتكشيف يمكن اعتماد الطريقة الحرة ، والطريقة المقيدة التي تعطي موضوعات مختصرة، وواجهة التطبيق سهلة ميسرة للاستعمال ، ولدينا تسيير لأماكن تخزين الوثائق والتعريف بعناوين تواجدها على مستوى المخزن والحصول على وسائل البحث وتحميلها والحصول على التقارير والاحصائيات لكل العمليات إلى جانب تصدير واستيراد البيانات المنجزة والمتواجدة من قبل، وهذه الرقمنة سمحت لنا بتوحيد أساليب وطرق العمل، والتوافقية وفق التقانيين الدولية للوصف الارشيفي المعمول به وإمكانية اتاحة كل ما يتم معالجته على مستوى ورشات المعالجة العلمية ووضعها للباحثين في قاعة المطالعة.

 

شكراً على هذه الفرصة الذي نتمنى أنها أثرت الموضوع.

أختتم الجلسة الأستاذ عياد ساسي حيث قدم الشكر للأساتذة المشاركين في فعاليات هذه الورشة القيمة.