تجارب بعض الأرشيفات العربية الرائدة استخدام التكنولوجيا والتقنية الحديثة في تنظيم المواد الأرشيفية: (صون وإتاحة – صعوبات وعراقيل) تونس

اختتام ورش العمل حول

“تجارب بعض الأرشيفات العربية الرائدة استخدام التكنولوجيا والتقنية الحديثة في تنظيم المواد الأرشيفية:

(صون وإتاحة – صعوبات وعراقيل)

عرض تجربة الأرشيف التونسي

متابعة / د. فتحية الخير حمدو

ضمت قاعة المجاهد بمقر المركز العاشرة من صباح الأربعاء 30 أغسطس 2023م ورشة العمل الرابعة والأخيرة في الأسبوع العربي للأرشيف وهي حول تجربة الأرشيف التونسي في استخدام التقنية الحديثة في تنظيم المواد الأرشيفية، وكان ضيف هذه الورشة هو الأستاذ الدكتور الهادي جلاب مدير عام الأرشيف الوطني التونسي، ورحب الأستاذ الدكتور محمد الطاهر الجراري مدير مجلس إدارة المركز الليبي للمحفوظات والدراسات التاريخية بالمشاركة التونسية في هذا النشاط وبالضيف الكريم من خلال كلمة جاء فيها:

الأمور بخواتيمها وأفضلها ختام المسك ومن أحق من تونس بهذا، فبتونس يسعد القلب وترتاح النفس ويزهو الخاطر، وإليها تشد الرحال وتسرج الخيول قديماً وحديثاً، فهي صنو العقل والروح وشريك الأفراح والاتراح فما اشتدت محنة بليبيا إلا وكانت تونس مفتاح حلها ومرهم علاجها. وما عصفت رياح المصاعب بتونس إلا وكانت ليبيا الصدر الحنون والروض المفتوح والبساط الممدود لأهلنا وعزوتنا. اليوم كما بالأمس فيها يتداوى جريحنا ويشفى مريضنا ويرتاح مقبوضنا ويسعد طليقنا . وإلى ليبيا يأتي المار والمقيم والزائر والصانع والعالم حيث يكرمون ويُووَدُون فيستوفون احتياجاتنا ويستكملون نواقصنا ويتفاعلون معنا للنفع المشترك والخير المتبادل. واليوم كما بالأمس نتطلع لعلمهم ونستأنس بتجربتهم ونحتكم في كل ذلك إلى خبيرهم ورئيس أرشيفهم الأستاذ أ.د. الهادي جلاب صاحب السيرة العلمية الآتية:

 أ.د. الهادي جلاب.

 مدير عام الأرشيف الوطني التونسي

 متحصل على التأهيل الجامعي سنة 2007

 الدكتوراه في التاريخ المعاصر سنة 1990 أستاذ التعليم العالي بالجامعة التونسية

 خبير باللجنة الاستشارية الدولية ذاكرة العالم” منظمة اليونسكو 2013-2017

 أمين عام الفرع الإقليمي العربي للمجلس الدولي للأرشيف 2006-2014

 عضو الندوة الدولية السنوية للمجلس الدولي للأرشيف 2008-2012

 رئيس الجمعية العالمية للأرشيفات الفرنكوفونية 2012-2020

 المسار المهني :

 2011 مدير عام مؤسسة الأرشيف الوطني

 2011-2010 أستاذ التاريخ وعلم الأرشيف بكلية الشرق الأوسط لتكنولوجيا المعلومات

 (سلطنة عمان)

 2010-1999 رئيس تفقدية الأرشيف الوطني

 1999-1990 باحث بالمعهد العالي لتاريخ تونس المعاصر

 1990-1980 موظف بوزارة الثقافة -مركز الدراسات والتوثيق للتنمية الثقافية

 المؤلفات:

 أصدر 8 مؤلفات منها 4 بالتعاون مع آخرين و25 مقالات بالمجلات المختصة التونسية وبأعمال الندوات العلمية المنشورة.

 هذا هو السيد الجلاب نستأنس به ونتطلع إلى علمه فليتفضل مشكوراً مذكوراّ.

السيد المحاضر: أ.د. الهادي جلاب.

شكراً على هذا التقديم، في الواقع أن العلاقات بين تونس وليبيا قديمة ولا تحتاج إلى تعريف وهناك تكامل وتفاعل عبر التاريخ، وهما شعب واحد كما نقول في بلدين.

الموضوع اليوم: الأرشيف والوثائق والتجربة التونسية في تنظيم الوثائق

أن تنظيم الوثائق أمر مهم بالنسبة للدولة، وهو دليل على نضج الدول لأن الدولة تعني فيما تعنيه الإدارة والعلاقة بالمجتمع والخدمات، وهذا كله يتم عن طريق الوثائق وعن طريق النظرة العصرية للأرشيف، وهي ليس الوثائق التي لم تعد الإدارة في حاجة إليها ولكن منذ نشأتها تسمى أرشيف، وكل المعاملات تمر عبر الوثائق وكل الحقوق لا يمكن إثباتها إلا بالوثائق، فعليه تنظيم الوثائق أمر مهم لان الوثائق تعني المعلومات وكل ما نتعامل به فيما بيننا هو مجموعة من البيانات والمعلومات والعطيات مضمنة في الوثائق وعلاقة الإدارة التونسية بالأرشيف قديمة نسبياً تعود لأواسط القرن التاسع عشر حيث تم تنظيم الإدارة التونسية وأُحدثت الوزارة الكبرى عام 1860م، وبعدها بسنة تم إصدار الدستور التونسي 1861م، وهو أول دستور في البلاد العربية الإسلامية وهو دستور عصري.

ما يهمنا هو تنظيم الإدارة، إذاً الوزارة الكبرى أُحدثت وكانت هي مجمع لإدارات وأقسام، وهذه الأقسام فيها ما يتعلق بالميزانية، قسم مالي، وما يتعلق بالأمور الخارجية، وفيها قسم العمالات أو ما يسمى ” بالقيادات” وما تسمى الآن بالولايات، وتتعلق بالنظام المحلي والجهوي، وبدأت هذه الإدارة في إنشاء الوثائق وترتيبها وتنظيمها، وأُحدث مجلس لتدقيق الحسابات، ومطبعة رسمية، وجريدة رسمية مازالت تصدر إلى الأن وهي ” الرائد التونسي”.

وعندما تولى الإدارة خير الدين الذي قضى أربع سنوات في أوروبا، وأطلع على نهضتها وما قامت به هذه الدول الأوروبية وكان ممثلاً في الدول الأوروبية في مسألة اختلاس أموال من الدولة التونسية، أحدث خير الدين هذا الهيكل وسماه ” خزنة حفظ مكاتيب الدولة” ووضع على رأسه موظف كان أسمه ” حمودة بوسن” وكان خير الدين فرض على أعضاء البيت الحسيني أن يسلموا كل ما بحوزتهم من وثائق إلى هذه الخزنة، وكان هو أول من يحترم ترتيبها وكان يطلب كتابياً الوثائق من المسؤول على حفظ المكاتيب، ويتعهد بإرجاعها.

ونحن نحفظ بعض الرسائل القصيرة، والطلبات التي كان يرسلها الوزير الأكبر إلى المسؤول عن الخزنة، وعلى سبيل المثال: في مذكرة احتفظ بها في مؤسسة الأرشيف الوطني يقول له ” إلى أبننا الثقة الأكمل محمد الطيب بوسن حفظه الله – أنظر كيف يخاطب موظفيه – فالمراد أن ترسل دفتر عساكر الحنفية إلى الوزارة الكبرى للحاجة إليه وبعد تمام الحاجة إليها ترجع إليكم، إذ نتعهد بإرجاعها ويوقع من الفقير إلى ربه خير الدين عفى الله عنه ” إذاً الدولة لم تكن مسألة شكلية ولكن هناك قناعة بأهمية تنظيم الوثائق وحدث ذلك قبل دخول الاستعمار الفرنسي.

إذاً هناك تقاليد في الإدارة التونسية في حفظ وتنظيم الوثائق، وهذا التنظيم كان محكماً، وكانت الوثائق مصنفة وموضوعة في المخازن، وهناك دفتر لتنظيمها وهذه الدفاتر محفوظة في مؤسسة الأرشيف الوطني وتوضع في ظرف والظرف في درج والدرج في خزانة والخزانة بمخزن، ويتم طلب الوثائق وجلبها بسهولة تامة.

كان تاريخ انشأ هيكل حفظ المكاتيب في 9 ديسمبر 1874، وهو اليوم الذي تم إقراره كيوم وطني للأرشيف لأحياء ذكرى إنشاء قسم الوثائق بالإدارة التونسية منذ حوالي قرن ونصف، ثم جاءت فرنسا عام 1881م وتونس باعتبارها محمية فرنسية كانت تتبع إدارة الخارجية الفرنسية ومن حسن حظ تونس أن وزارة الخارجية الفرنسية كان لها نظام متطور يعتمد على تقسيم الوثائق حسب الجهة المنشئة لها، وهو أمر مهم في علم الأرشيف وكانت الوثائق وورثنا هذه الأرصدة التي تم أنشاؤها في الفترة الاستعمارية، وكانت الوثائق تقسم حسب الجهة المنشأة لها فكانت وثائق الإدارة الجهوية والمحلية توضع في اضمامات مكتوب عليها السلسلة أ، ، وكل ما يتعلق بالشأن الديني توضع في اضمامات مكتوب عليها السلسلة د، وتوضع بصفة منفصلة حتى لا تختلط، وعنما خرجت فرنسا واستقالت تونس عام 1956م وهذه الوثائق بقيت في تونس، وفرنسا حملت معها فقط الوثائق التي أنشأتها الإدارة العامة الفرنسية بتونس، والسفارة الفرنسية بتونس بينما كل ما أنشئ في إدارة الشأن التونسي بقيت في تونس لأن الإدارة التونسية خلال الفترة الاستعمارية بقيت في تونس وورثنا سلاسل مهمة فيها وثائق تهتم بليبيا أيضاً، وهناك العديد من الأصدقاء والملاء والباحثين والباحثات الذين اشتغلوا على هذه الأرصدة وأعدوا اطروحات دكتوراه حول تاريخ ليبيا في الجوانب التي أنشأتها الإدارة التونسية والإدارة الفرنسية عندما كانت تتصرف في الشأن التونسي.

إذاً الفترة الاستعمارية كانت أيضاً إيجابية في تنظيم الوثائق، ثم جاء الاستقلال وغادر أغلب المتخصصون الفرنسيون تونس، والدولة المستقلة خرجت فقيرة وضعيفة ومنهكة ، ولم يكن تنظيم الوثائق من الأولويات بعد الفترة الاستعمارية وكانت هناك أولويات أخرى مما أدى إلى اهمال تنظيم الوثائق ، وبصفة تدريجية تراكمت الوثائق في الإدارات التونسية إلى بداية الثمانيات حيث تم الوعي بضرورة تنظيم الوثائق وتصفية الأرصدة المتراكمة بالإدارات التونسية، والموظف التونسي كان حريصاً على عدم إتلاف الوثائق ولكن عندما كثرت الوثائق لم يعد لديه إمكانيات حفظها وتنظيمها بشكل جيد فأحدث أولاً المعهد العالي للتوثيق لتكوين المختصين في تنظيم الوثائق ، وشُكلت لجنة في 1985م لإعداد قانون للأرشيف وصدر في عام 1988م وهو مستوحى من القوانين المتطورة أنداك وخاصة القانون الكندي والاسترالي.

س. ما هي النظرة العصرية التي جاءت بها هذه القوانين والتي تبناها الأرشيف التونسي؟

قوانين النظرة القديمة تهتم بالأرشيف عندما يصبح وثائق غير ذات قيمة بالنسبة للإدارة، تهتم بالجانب التراثي والجانب التاريخي لهذه الوثائق، الجديد الأن أصبح الاهتمام بالوثائق منذ نشأتها وتتدخل مؤسسة الوسط الوطني في تنظيم الوثائق بالإدارة في عرضها وحسن تنظيمها لان التصرف السليم في الوثائق والمعلومات جزء من منظومة حسن التصرف والحوكمة وهذا هو الجديد.

هناك الجانب الكلاسيكي التقليدي وهو الاهتمام بالوثائق التاريخية ونسميها المحفوظات، وهناك تدخل حيني مباشر ويومي لدى المرافق العمومية والمنشأت العمومية حتى تنظم وثائقها لأن في حسن تنظيمها ربح للوقت وحسن التصرف والحوكمة، وهذا الجديد في هذا القانون الذي صدر منذ 35 سنة وجاءت بعده منظومة قانونية وترتيبية متكاملة سنة 1988م، ولأن القانون لابد له من لوائح تنفيذية ولابد له من أوامر حتى يتم وضعه حيز التنفيذ، استعرض بسرعة هذه المنظومة القانونية:

صدر القانون الذي رسم معالم النظام الوطني في التصرف في الوثائق والأرشيف وضبط مسؤوليات كل الأطراف واجال لكل الوثائق العمومية كما أحدث مؤسسة الأرشيف الوطني والمجلس الأعلى للأرشيف.

قانون الرشيف هو قانون نفاذ للمعلومات وقبل هذا القانون كان النفاذ للأرشيف متروك للاجتهاد الشخصي ولكن بعد هذا القانون المواطن من حقه الاطلاع على الوثائق التي تتبناها الدولة ولكن حدود هذا الاطلاع بآجال ، هذه الجال 30 سنة بالنسبة لمجموع الوثائق، وتصبح الأجال 60 سنة منذ إنشاء الوثائق، وهذا يتصل بالوثائق ذات الصبغة الأمنية والمتعلقة بمعطيات شخصية و100 سنة من تاريخ غلق الدفتر بالنسبة لدفاتر العدول وكذلك بالنسبة للملفات الطبية والملفات الشخصية للموظفين بداية من تاريخ ميلاد الشخص المعني.

بعد خمسة أشهر من صدور هذا القانون، صدر أمر بتنظيم مؤسسة الرشيف الوطني وتم تضمينه في مناسبتين، كما صدر أمر بضبط شروط الأرشيف الجاري، والأرشيف الوسيط، والاطلاع على الأرشيف العام، وتم اثبات هذا الأمر بأمر أخر بعد عشر سنوات، وصدر أيضا بعد خمس سنوات أمر مهم جدا وهو أمر 1451 المؤرخ في 5 جويليه 1993م ومتعلق بالمسئولية في مجال التصرف والحفظ بالنسبة للوثائق الإدارية ولماذا هو مهم؟ لأنه حدد من هو المسؤول الأول عن سياسة التصرف في الوثائق في كل هيكل عمومي مثلاً: –

في الوزارة كاتب عام الوزارة هو المؤول، ربطت المسؤولية بالموظفين القارين الذين لا يتغيرون مع تغير الحكومات أو نتائج الانتخابات، فنائب عام البلدية لا علاقة له بالانتخابات وبالمجالس البلدية هو موظف قار، نفس الشيء بالوزارات والمؤسسات العمومية.

أمر أخر صدر في 1999م يتعلق بالمختصين وسوف أعود لهم بعد قليل وهم في قلب هذا التحدي، وفي القانون القديم بتونس كان يسمى خازن والكلمة في الواقع ترجمة لكلمة archives باللغة اللاتينية وفيها نوع من التحذير، وتماشياً مع القانون صدر سلك خاص بالمختصين وسمي هذا السلك المتصرفين في الوثائق والرشيف، وهذه المنظومة القانونية المتكاملة سوف يتم تدعيمها بالعديد من المناشير واللوائح التنفيذية المتعددة، وأهمها منشور في 5 أوت 2000م متعلق بهياكل التصرف بالوثائق والأرشيف، وأماكن حفظ الأرشيف الانتقالي ، فرض هذا المنشور على كل الهياكل أن تُحدث نواتات وادارات فرعية للأرشيف حتي يتم تحميلها المسؤولية وتقوم بهذا الواجب وتستشير مؤسسة الأرشيف الوطني في كل ما يتعلق بسياسة التصرف في الوثائق والأرشيف.

مؤسسة الأرشيف الوطني 70% من مهامها تتعلق بمساندة ومرافقة الهياكل العمومية في حسن تنظيم الوثائق وهذا في الواقع هو استثمار لأنه عندما تقوم هذه الهياكل بتنظيم وترتيب هذه الوثائق سنتحصل بعد ذلك على ارصدة مهمة لفهم تاريخ بلادنا.

هذه المنظومة القانونية كيف سيتم تطبيقها في الواقع؟ لابد من أدوات وهذه الأدوات يتم اعدادها تشاركية بين هياكل الإدارات التي أحدثت، وتم انتداب أعداد مهمة ولدينا الأن 2000 مختص تم انتدابهم، وفي الواقع توقفت الانتدابات في 2016م ولكن قبل ذلك كل سنة هناك مناظرات تنظمها مؤسسة الأرشيف الوطني ويقع انتداب المختصين وتوزيعهم على هياكل الدولة وبلغ عددهم في الإدارة المركزية والجهوية 2000.

ولكن كيف سيتم تطبيق هذه المبادئ؟ وكيف سيتم تنظيم الوثائق؟، وكيف يتم اختيار الوثائق التاريخية التي تصلح لمعرفة وتقييم الماضي وتصلح للأجيال القادمة حتى تعرف تاريخ بلادها؟

لابد من أعداد أدوات وهذه الأدوات ” 3″ أدوات تم الاشتغال عليها منذ نهاية الثمانينات سنة 1998م، وتم العمل على هذه الأدوات ثمان سنوات حتى 2006م وتتمثل في:

جداول مدد استبقاء الوثائق بمعنى يتم تحديد كل أنواع الوثائق في كل وحدة إدارية والاشتغال عليها لتحديد أجال حفظها، يعنى كم سنة يحتاج الموظف لأداء مهامه وينشئها أو يتحصل عليها لأن انشاء الوثائق ليس مسألة إرادية لأن كل شيء مرتبط بأداء المهام وبالوظائف، والوحدة الإدارية تنشئ ما بين 3أو 4أو 5 ملفات ، هذه الملفات كم نحتاجها في مكاتب العمل لأنه أذا لم نضع لها نظام تحويل وترحيل لمؤسسة الأرشيف الوطني ستتراكم ، إذا وضع الاتفاق اعتماداً على النصوص القانونية كم سنة نحتاجها في مكاتب العمل وتختلف المدة من ملف إلى أخر، يمكن نحتاجها ثمان سنوات أو سنتين وأحياناً تكون الملفات مرتبطة بشيء ما ، مثلاً: اتفاقيات بين الدول ، فاعلية الاتفاقيات تختلف ، هناك اتفاقيات يقع تجديدها كل ثلاث سنوات وهناك اتفاقيات لا يقع تجديدها، أو وثائق ذات صبغة مالية مثل القروض المرتبطة بخلاص القرض إلى غير ذلك.

أذاً تم إحصاء كل الوثائق والملفات في كل وحدة إدارية ووضع قواعد ومدد حفظ وهذه العملية تطلبت ثمان سنوات والمقترحات بمدد الحفظ يتم مناقشها بمؤسسة الأرشيف الوطني وقد أشرفت بصفة شخصية على هذه العملية، وكنت رئيس التفقدية التي تعمل مع الوزارات وتساعدها وتعمل معها وترافقها.

وأتذكر أن وزارة المالية لوحدها تم نقاش ملفاتها التي تصل إلى أكثر من 700 نوع من الوثائق وكل نوع له قاعدة حفظ، وقد تطلبت هذه الوثائق أكثر من 21 جلسة عمل واستدعينا كل المديرين العاملين من الجباية، والاستخلاص والديوانة وغيرها لفهم هذه الوثائق ووضع أسس سليمة لحفظ هذه الوثائق.

إذاً هذه الأداة الأساسية طبعاً تسبقها أعداد قائمة أسمية في الوثائق والملفات إلى جانبها هناك نظام تصنيف الوثائق وهي منظومة للاستدلال واسترجاع ومعرفة أين يقع ترفيف ووضع الوثائق في مكاتب العمل.

هذه العملية بدأت سنة 1998م وانتهت في 2006م، وكل الوزرات بدون استثناء أصدرت مقرر في المصادقة، الوزير الذي يصادق على جداول مدد الاستبقاء حيث أن مؤسسة الأرشيف الوطني توافق، ثم يصادق عليها الوزير بمقتضى قرار يُنشر في الجريدة الرسمية وكل الوزارات بدون استثناء أصدرت مقرراتها والأن المختصين في الوثائق والأرشيف لديهم سند قانوني للتصرف في الوثائق، والسؤال هنا ما هو مصير الوثائق النهائي؟

عندما لم تعد الإدارة بحاجتها يكون مصيرها إما الحفظ الدائم أو الإتلاف، والحفظ يتم عبر ترحيلها إلى الأرشيف الوطني، والإتلاف عملية قانونية ومنظمة ومرتبة لإتلاف الوثائق حسب مقتضيات جداول مدد الاستبقاء والإتلاف أيضاً مقنن ويتم في علاقة بالمؤسسات التي تعيد استعمال الورق مع الحفاظ على المعلومات الموجودة في ذلك الورق وسريتها.

وقد يقول قائل لماذا الإتلاف؟ لماذا لا نحتفظ بكل الوثائق؟ والإجابة أننا لا يمكن أن نحفظ كل الوثائق لسببين:

الأول هو أن ما تنشئه إدارة كماً هائل من الوثائق وإذا حفظناها كلها سنحتاج إلى بناية جديدة كل خمس سنوات ثم وهذا الأهم لا فائدة من حفظ كل الوثائق لأن الجزء الذي نحفظه سيعطينا فكرة شاملة عن كل ما تم أنشاؤه والذي اتلف.

مثال: في الوثائق قضايا العدلية وهي أنواع من الجرائم كجريمة الشيك بدون رصيد ، هذه تم أحصائها في عام 2007م عندما كان القانون يسمح بانتقال الشيك بين شخصين إلى ثلاث وأربع اشخاص ، ويقع التوقيع على ظهر الشيك ويسلم لشخص أخر ، وبعد ذلك تغير القانون وأصبح الشيك لا يعترف فيه إلا من كتب أسمه عليه – في السابق كان مسموح بتنقل الشيك – في عام 2007م كان هناك 200,000 قضية تتعلق بالشيك بدون رصيد، وهذا يحتاج إلى مخازن لحفظها وبالتالي يقع الاحتفاظ بعينات حسب الجهات وحسب درجة التقاضي، وما نحفظه بطبيعة الحال يعطينا فكرة عما اتلفناه وفي الواقع هناك في العالم مواصفات عالمية، وهو أن ما يحفظ لا يتجاوز ما بين 7 و 5% مما يتم أنشاؤه، إذاً جداول مدد الاستبقاء هي أداة أساسية لتنفيذ هذه السياسة.

المختصين: المختصين هم في قلب هذه المنظومة التي لا يمكن أن تنجح من دونهم، العملية ليست التصرف في حافظات وادخالها لمكتب فإدارة، في الواقع هو التصرف فيما تحتويه الحافظات مع معلومات ، لابد من وجود مختصين يعرفون نظام التصنيف ويعرفون الحفاظ عليها وعلى اسرارها ولذلك لابد من تكوين المختصين، وقد ذكرت أن معهد تكوين المختصين افتتح سنة 1982م ، وعندما صدر القانون بدأت الدفعات الأولى في التخرج، وتم انتدابهم للعمل بشكل تدريجي للعمل في الأرشيف، والأن هناك حاجيات كثيرة في المختصين وصعوبات ، فأعداد كبيرة من المختصين ذهبوا للعمل في مهام أخرى بإداراتهم ولكن على كل حال النظام لا يمكن أن ينجح بدون مختصين.

إذاً القانون والأدوات والمختصين وأمر أخر مهم المحلات، لابد من توفير محلات لائقة لحفظ الأرشيف الذي كان متراكماً في المخازن بصفة عشوائية، والذي تم العثور عليه عندما صدر القانون، ولهذا أعدت له خطة استعجالية لتطهير الوثائق بالإدارات في أواسط التسعينيات، وتطلب الأمر سنتين، وتم تحسين ظروف الحفظ وإتلاف جزء هام من الأرشيف الذي لم يعد صالحاً للإدارة وللتاريخ، وتم إقرار سياسة لتنظيم المحلات وضرورة استشارة مؤسسة الأرشيف الوطني في حالتين:

• العزم على إنشاء بناية جديدة لحفظ الوثائق

• في حالة تهيئة مكان قديم.

وتقوم تفقدية الأرشيف الوطني بمعاينة المكان ونقول بأنه يصلح أو لا يصلح للحفظ أو إضافة شيء ما.

الأن هناك صعوبات في خصوص هذه المحلات لأن الإدارة أحياناً تسطو على محلات الأرشيف، مسؤولون لديهم ضغوطات فيقع تحويل مخزن الأرشيف إلى مكاتب عمل، ويقع وضع الأرشيف في أماكن غير سليمة لحفظ الوثائق.

وتلجأ الإدارة إلى إيجار محلات وخاصة في المدن الكبرى وبالعاصمة هناك العديد من محلات حفظ الأرشيف هي على وجه الإيجار وبصفة تدريجية دخل هذا النظام حيز التطبيق وبدأ يعطي ثماره، وأصبحنا نرى النتائج في الواقع وعندما أصبحت المنظومة تشتغل بشكل عادي ما هي نتائجها:

نتائجها ازدياد كبير في ترحيلات الأرشيف التاريخي إلى مؤسسة الأرشيف الوطني، وبدأت هذه الترحيلات تعود بشكل تدريجي منظم سنة 2000م، بدأت ب 50 حافظة من وزارة الشؤون الخارجية التونسية نحو مؤسسة الأرشيف الوطني ، والأن أصبحت بعشرات الآلاف من الحافظات حتي تصل إلى 3000إلى 5000، وأحياناً في أحدى السنوات وصلت إلى 12,000 حافظة يتم ترحيلها من الهياكل المنشأة بدون استثناء نحو مؤسسة الأرشيف الوطني، وفي الواقع الدولة التونسية أعدت مبنى عصري حسب المواصفات وإلى حد الأن لم يصل إلى طاقته القصوى في الحفظ ومازال يتسع والمبنى يتوفر على عشرات المخازن ولكن الأن انتقل إلى موضوع متصل بطاقة الخزن، حيث نعمل على أن تتحول طاقة الخزن من وثائق ورقية إلى وثائق رقمية الكترونية، وهذا هو التحدي الكبير الذي نواجهه ولسنا وحدنا هو تحدي على مستوى العالم يتعلق بهذا النوع الجديد من الوثائق، والإدارة التونسية انخرطت في المجال الالكتروني منذ بداية الثمانينيات وأصبحت أجهزة الكمبيوتر تتكاثر في الإدارات ولم يكن هناك تفكير في الوثائق ، والواقع حتى الأن كل ما يتم إنشاؤه على المستوى الرقمي لا نقوم بالتفكير في الذاكرة في التاريخ حتى على المستوى الفردي سابقا عندما يكون الإنسان لديه مناسبة يمتلك ألة تصوير ويشترى الفلم ويخرج الصور ويضعها في ألبوم وينتهي الموضوع ، في نفس هذه المناسبات في الماضي كنا نصور 100 صورة، الأن نصور الآلاف الصور ويمكن رؤيتها على الجهاز المحمول أو جهاز الكمبيوتر، ويمكن أن نختار أو نتلف بعض الوثائق ، ولكن موضوع الحفظ على المستوى المتوسط والطويل بمعنى الذاكرة الرقمية مهددة بشكل جدى على المستوى الفردي والجماعي على مستوى الإدارة.

إذاً الإدارة التونسية انخرطت في المجال الالكتروني منذ أربعين سنة وأصبحت تنشئ الوثائق والواقع ضاعت معلومات وملايين البيانات في محامل صارت الأن غير مستعملة كأجهزة الكمبيوتر القديمة والديسكات وهي تحتوي على ملايين المعلومات لم نستفد منها لأننا لم نهجرها في الوقت المناسب، وهذا هو التحدي، صحيح أن الالكتروني والرقمي يساعد في التصرف ونقل المعلومات والتخزين، ولكن الحفظ على المدى المتوسط والبعيد مُكلف جداً ويتطلب سياسات واستراتيجيات مهمة.

الوثائق الالكترونية هي وثائق افتراضية لا مادية لا يمكن الوصول اليها إلا عن طريق الآلات والبرمجيات ولا يمكن تنظيمها والحفاظ عليها إلا باستعمال طرق مقننة أيضاً محتوى هذه الوثائق قابلة للتلف السريع، والتحريف، وإعادة الإنتاج لأنه ليس هناك أصل ونسخة في الالكتروني، لابد من إنشاء حماية صارمة لخزن الوثائق، والأوعية المستخدمة في خزن الوثائق ليست صالحة للحفظ لمدة طويلة حيث أن الأقراص اللينة موضوعة في الأدراج وليس هناك أجهزة لقراءتها.

الآلات والبرمجيات تتغير بسرعة ونحن لا نملك التكنولوجيا بل نستهلكها، الذين يصنعونها يغيرونها بسرعة، ومعلوماتنا وتراثنا معرض للاندثار في المحيط التكنولوجي.

مشاكل في مجال التشريع، والاعتراف بقيمة الوثائق الرقمية.

هل المحاكم تحتكم إليها أم لا؟

هل لها نفس قيمة الوثائق الورقية؟

رغم أن المشرع التونسي أقر بقيمة الوثائق الرقمية لكن في الواقع أغلب الناس لا تعترف بقيمة الوثائق الرقمية، عندما تبعث استدعاء عن طريق الوثيقة الرقمية يستطيع المسؤول الذي أرسلت له الاستدعاء ألا يأتي لماذا؟ عندما تسأله عن عدم حضوره سيقول إنك لم تبعث لي استدعاء وعندما تخبره أنك بعث له استدعاء بالايميل سيقول بأن الايميل ليس وثيقة رسمية وأنه لم تصله رسالة ورقية.

الأن هناك منظومة في تونس هي منظومة التراسل الالكتروني مربوطة بشبكة، ويتم إرسال البيانات والوثائق عن طريق هذه المنظومة فلابد إذاً من حفظ هذه الوثائق على المدى المتوسط والبعيد.

ونحن في واقع الأمر مازلنا في مرحلة انتقالية فيها سلبيات النظاميين، النظام الجديد والنظام القديم لأن في نفس الوقت ترسل المراسلة عن طريق البريد الالكتروني، وبعد ذلك ترسل ورقياً ولكن سيأتي يوم نقر نهائياً بتعويض الوثائق الورقية بالرقمية، وهذا تحدي كبير يتطلب وضع استراتيجية وطنية متكاملة وليس كل هيكل عمومي يجتهد كما يريد.

هناك موضوع مهم أخر يتعلق بالسيادة في العالم الرقمي:

ما معنى أن تصدر بيانات ومعلومات ووثائق رسمية في صفحات الفيس بوك والمنصات الأخرى، مع العلم أن ما يتم تداوله على الفيس بوك من معلومات وبيانات وصور مخزن في ” كاليفورنيا “ليس لدينا السلطة على ما نضعه من معلومات شخصية وعمومية في هذه المنصات الكبرى والتي يمكن استخدامها في مصالح غير مصالحها وهذا حدث في أمثلة عديدة حيث يتم تحليل بيانات ومعلومات اشخاص منخرطين في هذه المنصات لمصالح أطراف أخرى.

في الواقع أن الأغراء الكبير أن هذه المنصات هي مجانية وفيها إمكانيات كبيرة لتبادل المعلومات ومعرفة ما يحدث في العالم وفيها التسلية، هذه المجانية تغرى الناس أن يضعوا فيها وثائقهم وصورهم ورغباتهم وميولهم، هذا على المستوى الفردي والمستوى العام حيث أن حتى الملوك والرؤساء والوزراء والحكومات والهيئات كلها تملك صفحات على هذه المنصات بينما يتم عدم استعمال المواقع الرسمية التي هي مخزنة ومحفوظة داخل البلاد مثال:

في تونس هناك الوكالة الوطنية للأنترنيت وهي تحفظ المواقع الرسمية للدولة التونسية ومن المفروض كل ما هو رسمي يوضع في هذه الوكالة وأن لا نستعمل صفحات الفيس بوك، ولكن هناك الأثنين الوكالة الوطنية ومنصات التواصل ، وهذا أمر ليس تونسي فقط ، لأنه في الواقع تلك المواقع هي المتداولة والمقروءة والتي يستعملها الناس ، المهم أن ما يوضع من وثائق يمكن أن نسمه أرشيف ولكن ليس لدينا إمكانية التحكم فيه حيث يستطيع هذا الموقع حجبها عنك متى أراد ، والمعلومات تضيع عليك، وبالنسبة للتجربة التونسية في تنظيم الوثائق نحن الأن في مرحلة انتقالية خاصة وما حصل سنة 2011م من تحولات وهزات في العالم العربي أثرت بصفة سلبية في الإدارة والبرامج ، وتغيير الحكومات والسياسات أثر مع أننا لا نقييم الإيجابي والسلبي ، ولكن ليس هناك تواصل في هذه السياسات وهذه من الصعوبات التي تواجه خلق منظومة عصرية في تنظيم الوثائق والاطلاع عليها وتثمينها إلى غير ذلك.

طبعاً مؤسسة الأرشيف الوطني في تونس في إطار الحفاظ على الوثائق التاريخية ومساعدة المرافق الإدارية العمومية في تنظيم وثائقها، ونحن نجمع الوثائق لإتاحتها للباحثين وللدخول إلى المؤسسة بدون شروط لكل المواطنين، ونحرص على تثمين الأرصدة الموجودة لدينا عن طريق المعارض الوثائقية، والسنة الماضية كان هناك مبادرة ” عقد ندوة حول تاريخ ليبيا ومعرض عن ليبيا من خلال الأرشيف الوطني التونسي”، ولدينا بوابة الكترونية يمكن البحث فيها عن بعد ونحرص على إضافة أرصدة أخرى في هذه البوابة.

هذا بصفة عامة أهم ملامح التجربة التونسية، وهي تجربة متفاعلة مع ما يحدث في العالم ولدينا علاقات تعاون نستفيد ونفيد، وعلاقات مع بلدان شقيقة وصديقة، مع المجلس الدولي للأرشيف، مع الجمعية العالمية للأرشيفات الفرنكوفونية، وهذه المؤسسات لديها مواقع ويب، وتصدر مواصفات في تنظيم الوثائق نستفيد منها، ولدينا مقررات عالمية موجودة في موقع الأرشيف الوطني ولكنها باللغة الفرنسية وسنعمل على تعريبها. والتكوين مستمر ونحرص عليه ، وهناك دورات وكل دورة تضم بين 60 إلى 70 متدرب، وتدوم هذه الدورات يوم واحد ، وهناك نقاشات مستمرة حتى تظل المنظومة مواكبة لما يحدث في العالم ، وأهم حلقة في هذه المنظومة هم المختصين الذين إذا كان تكوينهم جيد وهم مقتنعون بميثاق هذه المهنة ، لأن هذه المهنة فيها أمانة كبيرة ويقع استعمالهم ويصبحون مُؤمنين على هذه المعلومات والوثائق التي تنشئها الإدارة وتخرج من مكاتب العمل ونضعها بيد هذا المختص الذي يعتبر دوره مهم لأنه على علاقة مع من يأخذ القرار، وعليه أن يكون حذراً جداً في التعامل ويحرص على تطبيق القانون وفي آخر المطاف تنظيم الوثائق وترتيبها والتحكم في المعلومات الموجودة فيها هو أهم عنصر من عناصر الحوكمة والحكم الرشيد والإدارة التي لا تنظم وثائقها والمجتمع الذي لا يهتم بوثائقه لا ذاكرة له، ويعتبر مجتمع درجة نضجه متدنية، أذاً أشكركم على حسن الاستماع وأنا على استعداد للتعامل مع الأخوة الحاضرين.

أ.د. محمد الجراري :

شكراً لك دكتور الهادي الجلاب على هذه الإحاطة الدقيقة والشاملة للأرشيف التونسي قانوناً، وإدارة، وتقنية، ونسأل الله لك الصحة والعافية حتى تستطيع الاستمرار في هذا المجال وأن تواصل رسالتك.

نتوجه الأن للقاعة إذا كان هناك بعض الأسئلة من قبل الحضور:

س 1. فرصة طيبة ، ونحن دائما نقول لطلبة اقسام التاريخ أنه يوجد ارتباط وثيق بين ليبيا وتونس منذ بداية الدولة الحفصية حتى نهاية الفترة العثمانية كان هناك ارتباط وثيق بين البلدين، والباحثون في تونس وليبيا لا يمكنهم الاستغناء عن الأرشيف الليبي والتونسي في بحوثهم والسؤال: لماذا لا يكون هناك نواة مجلس مغاربي للأرشيف والمعلومات؟. يبدأ بليبيا وتونس ثم تنظم الدول الأخرى ويكون هناك تبادل للمعلومات بين الأرشيفين الليبي والتونسي، والباحث التونسي يستطيع الاطلاع الكترونياً على ما يوجد بالأرشيف الليبي، وكذلك الباحث الليبي يستطيع الاطلاع على الأرشيف التونسي من خلال التقنية الحديثة وتكون المعلومات موثقة ومحفوظة.

س2. شكراً دكتور الهادي ونحن شاكرين لك هذا السرد الطيب والممتاز وقد وضعت يدك على الجرح ولكننا في حيرة إذا كان الاتجاه هو استخدام الميكنة والتقنية والرقمنة ، وهناك العديد من المطبات والمشاكل أين المفر؟ هل نحافظ على الوثائق كما هي أو مسايرة البيئة الرقمية والدخول فيها بقوة؟ وهل الأرشيف التونسي يستخدم في منظومة آلية موحدة في الإدارة التونسية أم لا؟

س3. سؤال فني، ماهي لغات البرمجة المستخدمة وقواعد البيانات المستخدمة، نريد فكرة عن الموضوع؟

وقد أجاب المحاضر عن الأسئلة على النحو التالي:

الحقيقة أن هذه ثلاثة أسئلة مهمة….

ج 1. بالنسبة للتنسيق على المستوى المغاربي ، الحقيقة حتى نمر في هذا التعاون لابد من تقييم ما هو موجود الأن على الهياكل الموجودة هنا فيما يخص المعلومات والأرشيف لدينا الاتحاد العربي للمكتبات وهو ناشط ولا بد من تقييمه حتى لا نكثر من المؤسسات والمنظمات ، ايضاً هناك الفرع الإقليمي العربي للمجلس الدولي للأرشيف والمجلس يقوم بدوره، وإذا قمنا بالتقييم على مستوى المغرب العربي، وانتم تعرفون مشاكل المغرب العربي والسبب في عدم التعاون ليس له صلة بالمؤسسات الأرشيفية ، ولكن الأسباب سياسية، ولابد من تقييم الهياكل الموجودة الآن قبل التفكير في إحداث مؤسسة جديدة تتعلق بمجلس مغاربي جديد للأرشيف والمعلومات ولكن الفكرة طيبة إذا كان يمكن التنسيق بين ليبيا وتونس لأحداث هذه النواة لما لا؟ ، ليس هناك تناقض مع الموجود ولكن لابد من الاستفادة من الموجود وتقييمه.

الجزء الثاني من السؤال يتعلق بتبادل الأرشيف وقواعد البيانات هذا مهم جداً ودون أن ننتقل يمكن أن ندخل بوابات هذه المؤسسات ونعرف ما هو موجود حول أي موضوع من الموضوعات دون تنقل، وفي الواقع تأتينا مراسلات من باحثين أجانب عددهم السنة الماضية أكثر من 60 باحث، ومن ليبيا 8 باحثين، وعدد مهم من الايطاليين والفرنسيين والامريكيين، ونحن نفتح لهم المجال للاطلاع لأن فيه تثمين لأرشيفنا وتاريخ بلادنا، واغلب الذين يأتون لاطلاع على الأرشيف التونسي تكون لديهم فكرة عما هو موجود من خلال قواعد البيانات ونربط بالسؤال الثالث والأخير.

ج2. قاعدة البيانات المتوفرة لدينا تسمى بنظام مخزن فيها كل المعلومات حول الملفات الموجودة بالأرشيف الوطني وما تم تصنيفه وتكشيفه من قبل المختصين واللغة المستخدمة أذا تقصد المعلوماتية فأنا لا أعرفها لأنني متخصص بالتاريخ ولست متخصص باللغة المعلوماتية وأحيل السؤال للمختصين.

ج3. فيما يتصل بالوثائق الورقية والرقمية وهو موجود حتى على مستوى العالم، ففي كندا طرح نفس السؤال والحل الوحيد في الرقمية هو تهجير البيانات، والحل هو تخزين الوثائق في صيغة الميكروفلم، فالسؤال في محله، وتحدي كبير ولكن ليس لنا أن نحافظ على بيئة ورقية في عالم أصبح كله رقمي، إذاً علينا أن نرفع هذا التحدي وأن نوفر الإمكانيات للانخراط في البيئة الرقمية العالمية الجديدة.

والسلام عليكم

خاتمة

أ.د. محمد الطاهر الجراري، رئيس مجلس إدارة المركز الليبي للمحفوظات والدراسات التاريخية.

أنا عاجز عن شكر حضرتك وليس من باب الإفاضة المائية عن الإناء ولكن ما اسمعناه اليوم مفيد جداً، وسيعود بالفائدة الكبرى على أبنائنا وأهلنا الذين حضروا والذين يستمعون في بيوتهم عبر الأنترنت.

مرة أخرى اشكرك وسوف لن ننسي هذه الجلسة لأننا استفدنا منها كثيراً بفضل علمكم وغزارة ما عندكم بوركتم، ودامت تونس عزيزة كريمة معطاءة كعادتها.